• ٢١ تشرين ثاني/نوفمبر ٢٠٢٤ | ١٩ جمادى الأولى ١٤٤٦ هـ
البلاغ

الحداد والحلم

ماهر طلبه

الحداد والحلم

زمان .. زمان قوي .. كان فيه حداد .. عنده بنت وولد .. البنت كانت دكتوره والولد كان مهندس ... استنوا .. عارف .. هتقولوا لي معقول حداد يخلف دكتوره ومهندس ؟!! .. معاكم حق .. هو كان بيحلم ، وكان بينادي حلمه دكتوره ومهندس .. في الحقيقة المهن هنا – في حكايتنا – مش مهمة قوي ، لإنهم في النهاية لما كان الليل بيدخل وينزل بدل نور الشمس ضلمة القلوب وبردها .. كان بينكمش الحداد الطيب على نفسه ويضم لصدره ابنه وبنته – إللي هما أصلا ما أتولدوش إلا في خياله – ويبدأ يحكي تاريخه / تاريخ العيلة للولد المهندس والبنت الدكتوره زى ما أبوه كان بيضمه في الضلمة ويشعل ليله دفى بحكاياته عن زمان .. زمان .. قبل أول بيت ما يبقى بيت وأول سيف ما يبقى سيف .. الحكايات إللي كانت بتجننه وتفتح في رأسه شباك للعلم والمعرفة وتحيره .. لإنه ماكنش بيقدر يوصل بخياله لصورة دنيا من غير بيت ، من غير سيف ، لكن جده كان دايما يؤكد له – زى ما حدادنا بيعمل أو بيحاول يعمل مع ابنه المهندس وبنته الدكتوره – إن الدنيا ده مش بس كانت من غير بيت ومن غير سيف ، لكن كمان من غير نار – إللي ماكنش جدكم الأول يقدر يفتح باب الحدادة من غيرها – علشان كدا اتسحب في يوم بالليل ودخل عالم ماكنش لازم يدخله حتى بخياله ومد إيده وسرق – آه والله العظيم كل تاريخ عيلتنا العظيم ده بدأ بالسرقة – شعلة نار كان مخبيها غني / قادر في درجه .. يومها نزل جدكم وزرعها في الأرض فنبتت كل حقول الأرض نار ودفيت وبدأ جدكم صنعته ..

-        .... ؟ -        سألت نفس السؤال لأبويا... ربنا بيغفر ويسامح ، مش كل حاجة نسمعها نصدقها وتبقى حقيقة .. علشان كدا جدكم بعد ما زرع الأرض بالنار والأرض دفيت .. حس الغني/ القادر بطل حكايتنا إن هو كمان ممكن يستفيد من التغيير ، فجاب جدكم وطلب منه إنه يصنع له كرسي بحجم عظمته .. ولأن جدكم عارف إن العظمة مش ممكن تتقاس صنع الكرسي إللي مش ممكن يتشاف ، فلما قعد عليه الغني / القادر بتاع حكايتنا منحه الكرسي الرضا والسعادة والبهاء فقرر منح جدكم شرف خدمته ، و سمح له بفتح دكانته في أرضه فصار جدكم أول حداد في أول أرض .. تضحك الدكتوره ، يضحك الباشمهندس لإن جدهم الأول مش بس قدر يغير وجه الدنيا وشكلها لكن كمان قدر يغير صورة ونفسية وقناعات غني / قادر .. ويضحك الحداد ويقول لهم -        أمال لما تعرفوا إللي عمله جدكم الثاني ... يومها كانت الدنيا بقت غير الدنيا .. ادهنت بيوت .. ازرعت سيوف .. صار جدكم هو كمان غني / قادر .. وبقى يخاف منه كل غني / قادر .. وكانت حرب كبيرة .. قرر فيها غني / قادر إنه يطارد جدكم في كل الدنيا ، ينهي وجوده على أي أرض .. يهدم كل شغله ، يطفي ناره إللي زرعها بدراعه .. ففتح عليه هويس النهر وكان طوفان عظيم .. عظيم .. شال بيوت بحالها وناس بحالهم .. هد دنيا وطفى نار .. لكن جدكم .. ينتبه الباشمهندس .. تنتبه الدكتوره .. والحزن واكل قلبهم .. جدكم دق مساميره في ألواحه ربط حديده بخشبه وعمل سفينة ... - عارفين يعنى إيه سفينة ؟ .. - طبعا عارفين يعنى إيه سفينة ، شايفين ألف سفينة وسفينة .. كانت أول سفينة تلمس الميه .. تعوم وماتغرقش وجمع أدواته وعيلته /عيلتنا وجيرانه وحيواناته حتى ناره مانسهاش وحط كل دا جواها .. وساب مكانه وساب سفينته للريح .. سنين والأرض ميه .. وجدكم وسفينته بيحاربوا الزمن ... لحد ما استقرت على أرض وهناك بدأ جدكم حياته من جديد .. عالمه من جديد .. ورشته ، بيته ، سيفه .. وزرع ناره .. تضحك الدكتوره ، يضحك الباشمهندس ويحسوا بالفخر لأنهم من نسل جد قدر يحارب وينتصر ، حافظ على ناره علشان توصل لولاده ويستمر الدكان / باب الرزق .. ينشرح قلب حدادنا ويمد حكاياته عن جدوده وجدودهم -        ..... ؟ -        لا طبعا .. فيه إللي مات على صنعته ، عمل صليبه بنفسه ، وفيه إللي بلعه البحر وخرج فكره على لسان الناس وفيه إللي فتح طاقة نور في قلب صخرة منها خرج الأمل بإيدين ورجلين ، ولما مات أمله مقتول فنيت دنيته وانهزم .. فيه ألف جد وجد .. وألف حكاية وحكاية .. لكن دايما فيه غني / قادر ودايما فيه ظلم كبير .. أحكي لكم عن جد من جدودكم اتعرض لأصعب امتحان ممكن يتعرض له أو يفرض على إنسان .. ليه مانعرفش .. .. كل إللي نعرفه إن الغني/ القادر بتاعنا كان عامل حفلة كبيرة .. عادي هى ده طبيعة حياة أى غني / قادر حفلات كبيرة .. وبرضه كالعادة والطبيعي كان حاضرها كل غني / قادر ع الأرض .. يومها وكجزء من برنامج الحفلة .. دخل جدكم من باب البيت ورمى سيفه ورمحه وترسه .. صنعته / فنه .. اتحركت المشاعر والاحاسيس تقولوش ثعابين .. انبهر كل غني / قادر كان موجود .. واتغيرت القلوب .. " سبحانه مقلب القلوب " .. واحد منهم كان شيطان ، لعب في راس الغني / القادر .. صاحب البيت .. صاحب الأرض .. تراهن .. أراهن .. كان رهان صعب مش بس على جدكم لكن كمان على الغني / القادر .. صاحب البيت .. صاحب الأرض .. إللي بيحب جدكم وعارف قيمة إللى بيعمله في أرضه وإن من غيره ما يدومش بيت ..مايكونش سيف .. ساعتها " مثل " صاحب البيت دور الغضب على جدكم .. -        دخلت قبل ميعادك .. وسخت السجادة .. بوزت البرنامج .. عرتنى قدام ضيوفي .. أمشٍ أطلع بره .. أنت مطرود . طرده من أرضه بعد ما خد منه كتير من إللي جدكم كان حوشه بتعبه وعرقه .. وساعتها برضه خرج وراه الغني / الشيطان وعرض عليه أضعاف ما يملك وأضعاف ما أتوعد بيه لو كان فضل في الأرض ده .. بشرط يشتغل عنده .. وعرض عليه صور لورشة ، كانت اكبر ورشة ممكن يشوفها جدكم .. لكن جدكم رغم حبه لصنعته/ فنه وغرامه بالورش كان لسه عنده حتة اسمها الوفاء .. مش كبيرة صحيح لكنه خد جدتكم وولاده وناره وراح سكن فيها ورفض يشتغل عند حد تاني أو يقدم صنعته /فنه لحد تاني .. فقر صحيح ، جاع صحيح ، جاله كل أمراض الدنيا .. خسر ولاده واحد ورا واحد صحيح .. لكن كان دايما عارف أو حاسس إن مكان مولده ، مكان دفنه .. وإن الزمن مهما طال لازم يرجع علشان يلاقي له قبر هناك وسط قبور الجدود وورشته /ورشتهم /ورشة ولاده من بعده .. زمن .. لحد ما في يوم رضيت الدنيا عنه .. دخل عليه صاحب الأرض .. الغني /القادر بتاعنا وهو بيضحك .. وقعد جدكم وسمع منه ومافهمش ، لكن عرف إنه نجح في امتحان وإن الغني / القادر .. صاحب البيت .. صاحب الأرض كسب من وراه كتير بالرهان .. ورجع لأرضه ودكانه وبيته .. من جديد .. مولده ومدفنه يبص الدكتوره والباشمهندس لبعض ويستعجبوا .. -        إيه إللى يصبر بنى آدم ع الظلم ؟!! .. ليه صبر جدنا ؟!! -        الأرض يا ولادي .. الميلاد والقبر .. النار والدفى .. بكره تكبروا .. بكره تفهموا مايفهموش لكن يضمهم دفى الحكاية ويحسوا بعظمة جدهم . -        ... .... ؟!! -        برضه لا طبعا .. مش دايما كل حكاياتنا سعيدة .. ومش دايما كل جدودكم كانوا بيدخلوا السعادة على وش الدنيا .. فيهم الظالم والمفترى واللي بقى غني / قادر ، فعمل زى أى غني / قادر .. فيهم مثلا إللي عمل سيف أقوى من أى سيف وأطول من أى سيف كان به بيقدر يقتل من غير ما يتحرك من مكانه .. قتل ودبح وياما طفى نار ، لكن تستعجبوا بقى .. إن إللي قتله – أو دايما كان بيقتله ولسه بيقتله – قرضه ، ولما مات كان لسه فيه إللي مخبي ناره فى قلبه فزرع قلبه ودفى الأرض من تانى ماتزعلش الدكتوره ، مايزعلش الباشمهندس لإنهم عارفين إن كل عيله فيها دا ودا .. وإن كل تاريخ فيه الأبيض والأسود . لكن يلمحوا على وش أبوهم / حدادنا سحابة حزن بتعدى .. طيف لذكرى كان نفسه يخفيها ، فتغمز الدكتوره الباشمهندس وتسأل بكل شقاوة العيال .. وأنت يا ابا .. هنحطك فين وسط الصورة الكبيرة ده .. فين مكانك .. يبص الحداد باستغراب .. "آلاف من الحكايات كان بيقولها كل يوم .. لكن تاريخ .. حاجة سمعها ، قراها ، شافها مسجلة فى صورة .. لكن عمره ما حكى عن نفسه ، علشان كدا يبص للي عايش فيه .. ورشة بسيطة خالص ، فقيرة خالص ، هى سكنه ومحل عمله" .. ويفكر .." مافيش زوجة ، مافيش ولد أو بنت إلا فى الخيال " .. ويحاول يبعد الحزن عن عينيه .. هأقولك إيه يا باشمهندس .. هأقولك إيه يا دكتوره .. رغم كل إللي عمله جدودكم دول ، لكن أنا كل إللي وصل لي شوية ورق متسجل عليهم الحكايات .. وورشة فى أرض غني / ظالم .. مايعرفش قيمة أرضه ، مايعرفش قيمة صنعتي / فني ولا قيمتي .. كان كل همه إن أبوكم ما يحلمش ببكره وإن حلم يبقى بكره بتاعه حلم الغني / الظالم .. علشان كدا كانت حياة سودا .. الورشة اتباعت كل أدواتها ، المكن وقف ، الأرض أصفرت ، النار بدأت تنطفى ، والناس نسيت تاريخ جدودكم أو حاولت تنسى وبدأت تحط مكانه تاريخ جديد للغني /الظالم وعيلته -        وسكت يا ابا .. ورضيت نارك تنطفى وأرضك تصفر .. نسيت دكانك ، باب رزق عيالك من بعدك علشان ولاد الغني / الظالم من بعده .. -        مين قال ؟!!!!... اقروا عني في الصحف .. افتحوا الكتب .. شوفوا .. شوفوا الصور واسمعوا الحكايات ، والرصاص بينضرب علىّ لكن راسي لم طاطت ، والعربيات بتهرس فىّ لكن جسدى لم خاف أو هرب .. أبوكم يا ولاد زى جدودكم لحظة عظيمة معدية في صفحة التاريخ .. ويسكت لإن نهاره لسه ماطلعش ، ويشد بطانيته على نفسه ويضم خياله / حلمه الباشمهندس ، حلمه الدكتوره لصدره ويقولهم بكره نبدأ يومنا ونفتح ورشتنا .. وياخده الدفى للحلم إللي جى ... عارفين مش الدكتوره والباشمهندس كانوا مش قادرين يتصوروا الدنيا من غير سيف ، من غير بيت ، لكن ليه مش عارف واضح قوى في خيالهم بكره إللي جى ، النهار إللي هيطلع لما الورشة تتفتح ويبدأ أبوهم في نفخ ناره زمان .. زمان قوي .. كان فيه حداد .. عنده بنت وولد .. البنت كانت دكتوره والولد كان مهندس ... استنوا .. عارف .. هتقولوا لي معقول حداد يخلف دكتوره ومهندس ؟!! .. معاكم حق .. هو كان بيحلم ، وكان بينادي حلمه دكتوره ومهندس .. في الحقيقة المهن هنا – في حكايتنا – مش مهمة قوي ، لإنهم في النهاية لما كان الليل بيدخل وينزل بدل نور الشمس ضلمة القلوب وبردها .. كان بينكمش الحداد الطيب على نفسه ويضم لصدره ابنه وبنته – إللي هما أصلا ما أتولدوش إلا في خياله – ويبدأ يحكي تاريخه / تاريخ العيلة للولد المهندس والبنت الدكتوره زى ما أبوه كان بيضمه في الضلمة ويشعل ليله دفى بحكاياته عن زمان .. زمان .. قبل أول بيت ما يبقى بيت وأول سيف ما يبقى سيف .. الحكايات إللي كانت بتجننه وتفتح في رأسه شباك للعلم والمعرفة وتحيره .. لإنه ماكنش بيقدر يوصل بخياله لصورة دنيا من غير بيت ، من غير سيف ، لكن جده كان دايما يؤكد له – زى ما حدادنا بيعمل أو بيحاول يعمل مع ابنه المهندس وبنته الدكتوره – إن الدنيا ده مش بس كانت من غير بيت ومن غير سيف ، لكن كمان من غير نار – إللي ماكنش جدكم الأول يقدر يفتح باب الحدادة من غيرها – علشان كدا اتسحب في يوم بالليل ودخل عالم ماكنش لازم يدخله حتى بخياله ومد إيده وسرق – آه والله العظيم كل تاريخ عيلتنا العظيم ده بدأ بالسرقة – شعلة نار كان مخبيها غني / قادر في درجه .. يومها نزل جدكم وزرعها في الأرض فنبتت كل حقول الأرض نار ودفيت وبدأ جدكم صنعته .. -        .... ؟ -        سألت نفس السؤال لأبويا... ربنا بيغفر ويسامح ، مش كل حاجة نسمعها نصدقها وتبقى حقيقة .. علشان كدا جدكم بعد ما زرع الأرض بالنار والأرض دفيت .. حس الغني/ القادر بطل حكايتنا إن هو كمان ممكن يستفيد من التغيير ، فجاب جدكم وطلب منه إنه يصنع له كرسي بحجم عظمته .. ولأن جدكم عارف إن العظمة مش ممكن تتقاس صنع الكرسي إللي مش ممكن يتشاف ، فلما قعد عليه الغني / القادر بتاع حكايتنا منحه الكرسي الرضا والسعادة والبهاء فقرر منح جدكم شرف خدمته ، و سمح له بفتح دكانته في أرضه فصار جدكم أول حداد في أول أرض .. تضحك الدكتوره ، يضحك الباشمهندس لإن جدهم الأول مش بس قدر يغير وجه الدنيا وشكلها لكن كمان قدر يغير صورة ونفسية وقناعات غني / قادر .. ويضحك الحداد ويقول لهم -        أمال لما تعرفوا إللي عمله جدكم الثاني ... يومها كانت الدنيا بقت غير الدنيا .. ادهنت بيوت .. ازرعت سيوف .. صار جدكم هو كمان غني / قادر .. وبقى يخاف منه كل غني / قادر .. وكانت حرب كبيرة .. قرر فيها غني / قادر إنه يطارد جدكم في كل الدنيا ، ينهي وجوده على أي أرض .. يهدم كل شغله ، يطفي ناره إللي زرعها بدراعه .. ففتح عليه هويس النهر وكان طوفان عظيم .. عظيم .. شال بيوت بحالها وناس بحالهم .. هد دنيا وطفى نار .. لكن جدكم .. ينتبه الباشمهندس .. تنتبه الدكتوره .. والحزن واكل قلبهم .. جدكم دق مساميره في ألواحه ربط حديده بخشبه وعمل سفينة ... - عارفين يعنى إيه سفينة ؟ .. - طبعا عارفين يعنى إيه سفينة ، شايفين ألف سفينة وسفينة .. كانت أول سفينة تلمس الميه .. تعوم وماتغرقش وجمع أدواته وعيلته /عيلتنا وجيرانه وحيواناته حتى ناره مانسهاش وحط كل دا جواها .. وساب مكانه وساب سفينته للريح .. سنين والأرض ميه .. وجدكم وسفينته بيحاربوا الزمن ... لحد ما استقرت على أرض وهناك بدأ جدكم حياته من جديد .. عالمه من جديد .. ورشته ، بيته ، سيفه .. وزرع ناره .. تضحك الدكتوره ، يضحك الباشمهندس ويحسوا بالفخر لأنهم من نسل جد قدر يحارب وينتصر ، حافظ على ناره علشان توصل لولاده ويستمر الدكان / باب الرزق .. ينشرح قلب حدادنا ويمد حكاياته عن جدوده وجدودهم -        ..... ؟ -        لا طبعا .. فيه إللي مات على صنعته ، عمل صليبه بنفسه ، وفيه إللي بلعه البحر وخرج فكره على لسان الناس وفيه إللي فتح طاقة نور في قلب صخرة منها خرج الأمل بإيدين ورجلين ، ولما مات أمله مقتول فنيت دنيته وانهزم .. فيه ألف جد وجد .. وألف حكاية وحكاية .. لكن دايما فيه غني / قادر ودايما فيه ظلم كبير .. أحكي لكم عن جد من جدودكم اتعرض لأصعب امتحان ممكن يتعرض له أو يفرض على إنسان .. ليه مانعرفش .. .. كل إللي نعرفه إن الغني/ القادر بتاعنا كان عامل حفلة كبيرة .. عادي هى ده طبيعة حياة أى غني / قادر حفلات كبيرة .. وبرضه كالعادة والطبيعي كان حاضرها كل غني / قادر ع الأرض .. يومها وكجزء من برنامج الحفلة .. دخل جدكم من باب البيت ورمى سيفه ورمحه وترسه .. صنعته / فنه .. اتحركت المشاعر والاحاسيس تقولوش ثعابين .. انبهر كل غني / قادر كان موجود .. واتغيرت القلوب .. " سبحانه مقلب القلوب " .. واحد منهم كان شيطان ، لعب في راس الغني / القادر .. صاحب البيت .. صاحب الأرض .. تراهن .. أراهن .. كان رهان صعب مش بس على جدكم لكن كمان على الغني / القادر .. صاحب البيت .. صاحب الأرض .. إللي بيحب جدكم وعارف قيمة إللى بيعمله في أرضه وإن من غيره ما يدومش بيت ..مايكونش سيف .. ساعتها " مثل " صاحب البيت دور الغضب على جدكم .. -        دخلت قبل ميعادك .. وسخت السجادة .. بوزت البرنامج .. عرتنى قدام ضيوفي .. أمشٍ أطلع بره .. أنت مطرود . طرده من أرضه بعد ما خد منه كتير من إللي جدكم كان حوشه بتعبه وعرقه .. وساعتها برضه خرج وراه الغني / الشيطان وعرض عليه أضعاف ما يملك وأضعاف ما أتوعد بيه لو كان فضل في الأرض ده .. بشرط يشتغل عنده .. وعرض عليه صور لورشة ، كانت اكبر ورشة ممكن يشوفها جدكم .. لكن جدكم رغم حبه لصنعته/ فنه وغرامه بالورش كان لسه عنده حتة اسمها الوفاء .. مش كبيرة صحيح لكنه خد جدتكم وولاده وناره وراح سكن فيها ورفض يشتغل عند حد تاني أو يقدم صنعته /فنه لحد تاني .. فقر صحيح ، جاع صحيح ، جاله كل أمراض الدنيا .. خسر ولاده واحد ورا واحد صحيح .. لكن كان دايما عارف أو حاسس إن مكان مولده ، مكان دفنه .. وإن الزمن مهما طال لازم يرجع علشان يلاقي له قبر هناك وسط قبور الجدود وورشته /ورشتهم /ورشة ولاده من بعده .. زمن .. لحد ما في يوم رضيت الدنيا عنه .. دخل عليه صاحب الأرض .. الغني /القادر بتاعنا وهو بيضحك .. وقعد جدكم وسمع منه ومافهمش ، لكن عرف إنه نجح في امتحان وإن الغني / القادر .. صاحب البيت .. صاحب الأرض كسب من وراه كتير بالرهان .. ورجع لأرضه ودكانه وبيته .. من جديد .. مولده ومدفنه يبص الدكتوره والباشمهندس لبعض ويستعجبوا .. -        إيه إللى يصبر بنى آدم ع الظلم ؟!! .. ليه صبر جدنا ؟!! -        الأرض يا ولادي .. الميلاد والقبر .. النار والدفى .. بكره تكبروا .. بكره تفهموا مايفهموش لكن يضمهم دفى الحكاية ويحسوا بعظمة جدهم . -        ... .... ؟!! -        برضه لا طبعا .. مش دايما كل حكاياتنا سعيدة .. ومش دايما كل جدودكم كانوا بيدخلوا السعادة على وش الدنيا .. فيهم الظالم والمفترى واللي بقى غني / قادر ، فعمل زى أى غني / قادر .. فيهم مثلا إللي عمل سيف أقوى من أى سيف وأطول من أى سيف كان به بيقدر يقتل من غير ما يتحرك من مكانه .. قتل ودبح وياما طفى نار ، لكن تستعجبوا بقى .. إن إللي قتله – أو دايما كان بيقتله ولسه بيقتله – قرضه ، ولما مات كان لسه فيه إللي مخبي ناره فى قلبه فزرع قلبه ودفى الأرض من تانى ماتزعلش الدكتوره ، مايزعلش الباشمهندس لإنهم عارفين إن كل عيله فيها دا ودا .. وإن كل تاريخ فيه الأبيض والأسود . لكن يلمحوا على وش أبوهم / حدادنا سحابة حزن بتعدى .. طيف لذكرى كان نفسه يخفيها ، فتغمز الدكتوره الباشمهندس وتسأل بكل شقاوة العيال .. وأنت يا ابا .. هنحطك فين وسط الصورة الكبيرة ده .. فين مكانك .. يبص الحداد باستغراب .. "آلاف من الحكايات كان بيقولها كل يوم .. لكن تاريخ .. حاجة سمعها ، قراها ، شافها مسجلة فى صورة .. لكن عمره ما حكى عن نفسه ، علشان كدا يبص للي عايش فيه .. ورشة بسيطة خالص ، فقيرة خالص ، هى سكنه ومحل عمله" .. ويفكر .." مافيش زوجة ، مافيش ولد أو بنت إلا فى الخيال " .. ويحاول يبعد الحزن عن عينيه .. هأقولك إيه يا باشمهندس .. هأقولك إيه يا دكتوره .. رغم كل إللي عمله جدودكم دول ، لكن أنا كل إللي وصل لي شوية ورق متسجل عليهم الحكايات .. وورشة فى أرض غني / ظالم .. مايعرفش قيمة أرضه ، مايعرفش قيمة صنعتي / فني ولا قيمتي .. كان كل همه إن أبوكم ما يحلمش ببكره وإن حلم يبقى بكره بتاعه حلم الغني / الظالم .. علشان كدا كانت حياة سودا .. الورشة اتباعت كل أدواتها ، المكن وقف ، الأرض أصفرت ، النار بدأت تنطفى ، والناس نسيت تاريخ جدودكم أو حاولت تنسى وبدأت تحط مكانه تاريخ جديد للغني /الظالم وعيلته -        وسكت يا ابا .. ورضيت نارك تنطفى وأرضك تصفر .. نسيت دكانك ، باب رزق عيالك من بعدك علشان ولاد الغني / الظالم من بعده .. -        مين قال ؟!!!!... اقروا عني في الصحف .. افتحوا الكتب .. شوفوا .. شوفوا الصور واسمعوا الحكايات ، والرصاص بينضرب علىّ لكن راسي لم طاطت ، والعربيات بتهرس فىّ لكن جسدى لم خاف أو هرب .. أبوكم يا ولاد زى جدودكم لحظة عظيمة معدية في صفحة التاريخ .. ويسكت لإن نهاره لسه ماطلعش ، ويشد بطانيته على نفسه ويضم خياله / حلمه الباشمهندس ، حلمه الدكتوره لصدره ويقولهم بكره نبدأ يومنا ونفتح ورشتنا .. وياخده الدفى للحلم إللي جى ... عارفين مش الدكتوره والباشمهندس كانوا مش قادرين يتصوروا الدنيا من غير سيف ، من غير بيت ، لكن ليه مش عارف واضح قوى في خيالهم بكره إللي جى ، النهار إللي هيطلع لما الورشة تتفتح ويبدأ أبوهم في نفخ ناره .

ارسال التعليق

Top